الصفحة الرئيسية  قضايا و حوادث

قضايا و حوادث العنف يجتاح تونس: 3 جرائم في كل ساعة!

نشر في  20 أوت 2014  (11:41)

قبل ايام فقط، حرق شاب اباه بسبب خلاف بسيط في سبيطلة، واقدم رجل على ذبح زوجته و رضيعتيه بكل برودة دم في قفصة.. زوج اخر تفنّن في طعن قرينته في انحاء متفرقة من جسدها محيلا اياها على العناية المركزة ببنزرت..
هذه عينة آنية من جرائم فظيعة مافتئ يستيقظ عليها التونسي. يطالعها في صفحات القضايا و الحوادث.. كنا الى زمن قريب نرتجّ كلما بلغنا نبأ جريمة او اخرى خلال فترات متباعدة. واليوم ارتفع منسوب الجريمةوبشاعتها بطريقة اكثر من لافتة وهو ما يطرح اسئلة شتى حول تغير سلوك التونسي. اليست افظع الجرائم تطالعنا بشكل يمكن توصيفه بالاعتيادي؟
قتل و حرق.. ثم ماذا؟
وقد أشارت آخر الاحصائيات الى ارتفاع نسبة العنف والجريمة عند التونسيين فقد تم تسجيل 147525 قضية سنة 2013 أي بزيادة تصل الى 8511 قضية بالمقارنة مع سنة 2012 وهو ما يعادل 3 جرائم في الساعة. وفي ذات السياق شهدت تونس حدوث جرائم جنائية مختلفة ولكن ما جمع بينها هو بشاعتها و أسبابها التافهة في الظاهر، لنجد على سبيل المثال شاب عمره 35 سنة يقدم على قتل قريبه البالغ من العمر 27 سنة وذلك بجهة حي التضامن بسبب خلاف بسيط قيل أنه حول عقار. وفي اشهر مضت شهدنا هلاك الطفلة آية البالغة من العمر 13 سنة والتي توفيت بعد ان اضرم والدها النار في جسدها بعد مشاهدته لها صحبة أحد زملائها أثناء العودة من المدرسة.
المرأة والطفل ابرز ضحايا الجريمة
وفي هذا الشأن نددت منظمات حقوقية ناشطة بتونس من خلال بيانات ومسيرات بمثل هذه الجرائم الشنيعة والتي مثلت انتهاكات صارخة في حق الطفل والمرأة على وجه الخصوص. و تباينت الاراء حول ارتفاع نسبة الجريمة والعنف بتونس الذي فسره البعض بأسباب اقتصادية ومعيشية بالأساس، بينما يذهب البعض الاخر الى ربطه بعوامل سوسيو نفسية فضلا عن تراخي السلطات المعنية في التعامل مع هذه الظاهرة.
صعوبة المعاش اليومي
 الناشطة الحقوقية والمحامية راضية النصراوي أفادت لاخبار الجمهورية أن أسباب هذه الجرائم تعود اساسا للظروف المعيشية الصعبة التي تؤثر على مزاج وأعصاب مرتكبي الجرائم، فغلاء المعيشة خلق توترا كبيرا صلب العائلة التونسية ولذلك نرى أحيانا جرائم بشعة كان مرتكبوها على غير وعي بما اقترفوه. واعتبرت النصراوي القوانين الجزائية بتونس جد صارمة و شديدة قد تصل الى حدود عقوبة المؤبد والاعدام، مبينة ان هذه القوانين الصارمة لها بعد زجري اكثر منه اصلاحي بما انها لا توفر البدائل و الحلول للحد من استشراء الجريمة. كما اتهمت النصراوي عديد القضاة بالمبالغة والقسوة في الحكم على عديد الجرائم، واستشهدت النصراوي ذلك بالدول الاسكندنافية التي عملت على اغلاق عديد السجون وخففت في عديد العقوبات مستعيضة بصيغ أخرى.
الجريمة.. تحت المجهر
بعض المؤسسات السجنية لم تعد مدرسة للتأهيل، بل تحولت إلى مكان لتفريخ الجريمة. ما يستدعي إقرار برامج إصلاحية، للتقليص من حالات العود، التي تصل نسبتها في بعض السجون إلى 70 في المائة وفق بعض الاحصائيات.
ففي دراسة قدمها الأخصائي في علم الاجتماع الجنائي مراد بلحاج، بين أن الاجرام لا يظهر فجأة بل مرتبط بالظروف والمنعطفات التاريخية، وان هناك محطات يمر بها الفرد  يترسخ من خلالها التوجه الانحرافي حتى يصبح مجرما بالفعل، وربط بالحاج مستوى تحليل الظاهرة الاجرامية بدراسة التغيير الاجتماعي من خلال مؤشرات كالناتج القومي الخام ونسبة التحضر و التمدرس..
كما اشار بالحاج الى وجود ارضية سوسيولوجية للانحراف بما ان الانخرام الأخلاقي والمعياري عموما والتفكك الاجتماعي والتحضر وكذلك مسألة الافلات من طائلة القانون، هي عوامل تحفز على تصاعد ارقام الجريمة بصورة ملحوظة.
الزجر أم الإصلاح؟
وقد كشفت دراسة  قام بها المرصد الوطني للشباب عن العنف اللفظي في اوساط الشباب التونسي، أن استعمال مصطلحات للعنف اللفظي سواء كان ذلك نطقا أو كتابة أو إشارة أصبح سلوكا يوميا لدى بعض الشباب يستنجدون بها للتعبير عما يختلج بهم من  مشاعر عندما يعجزون «لغويا» عن التعبير عن ذلك...
ومن أجل تطويق هذه الظواهر الاجرامية  دعا الخبير الاجتماعي الى ايجاد أجهزة متطورة للرقابة ذات طابع رسمي بما يجعل الأفراد يحافظون على المضي قدما في الطريق السوي.
و حسب تقديرات عديد الأخصائيين النفسيين تكمن الحلول في الاحاطة النفسية بالمجرمين أثناء وبعد فترة عقوبتهم لاصلاح ما يمكن اصلاحه باعتبار أنهم أناس كغيرهم قبل أن يتحولوا الى مجرمين.
الزحف المتنامي للجريمة من الشارع الى الاسرة لم يعد مجرد خبر ورقم وقصة في سجلات المحاكم و صفحات الجرائد. أصبح ناقوس خطر وجب الانتباه اليه و اخذه بالدراسة والبحث ليتحمل كل طرف مسؤوليته.

نضال الصيد